لا يمكن قبول أي تفسير للجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني، بغض النظر عن المستهدف بقصف قلب الدوحة بطائرات مقاتلة، بغير أنه عدوان صريح دون أي مواربة، بل يصل إلى إعلان حرب، فبأي حق تخترق وتنتهك طائرات قوات الاحتلال الصهيوني أجواء دول عربية، أو حتى غير عربية، وبغطاء أمريكي قذر لتقصف قلب عاصمة عربية، وتهرب دون حساب.
كل الدول العربية مسؤولة عن التقصير فيما جرى، والرد لابد أن يكون بشكل أخر، لتعرف إسرائيل أن ما قامت به لن يمر، دون أن تعرف أن هناك ثمن، وثمن كبير، وصحيح أن هذا الكيان المعتدي هو مجرم حرب، ومن قبل قصف بلدان عربية أخرى، وغير عربية، إلا أن قصف الدوحة هو رسالة تؤكد أنه العدو الأول والأخطر على الأمة.
وهذا ما قاله هذا الإرهابي "أمير أوحانا" رئيس الكنيست الإسرائيلي، في أعقاب العدوان الصهيوني على قطر، مع مقطع فيديو للهجوم على مقر قيادة حركة المقاومة حماس، "هذه رسالة لكل الشرق الأوسط"، فهل هناك فجور أكثر من ذلك، بإعلان عدائه للدول العربية، وغير العربية، وكل المنطقة، وفي تهديد واضح.
إلى متى سنظل دولنا في حالة صمت، ونكيل الاتهامات لبعضنا البعض، ونختلق قصصاً لتضيع الحقيقة، ونسير وراء تسريبات صهيونية وغير صهيونية وأمريكية، عن ترتيبات وعربية وغير عربية وتنسيق لتنفيذ هذا الهجوم.
حسنا فشلت أهداف العدوان الصهيوني، والذي ربما لن يكون الأخير، والذي راح ضحيته عناصر من حماس، وضحايا قطريين، والملفت أن الهجوم استهدف دولة هي وسيط ومستضيف لمفاوضات تستهدف نهاية لحرب الإبادة على غزة، وهذا الفشل قد يكون البداية لموقف مختلف وجاد وواضح مع الكيان المحتل، وأمريكا ومن وراءها بريطانيا التي وفرت رسمياً الغطاء لهذا العدوان.
كيف نقبل هذا التعامل مع كيان محتل مارق، ودولة إرهابية رئيسها سمسار بكل معنى الكلمة، يعلن دعمه لإبادة العرب، والذي قدمت له بعض دولنا الهبات والمساعدات، في حالة لإعلان الولاء، إلا أنه يعتبر ذلك حقا له، بل وصل الأمر للاستخفاف.
لابد من دراسة كل تصريحات كبار وصغار مسؤولي عدونا جميعا، ففي حالة غطرسة أشاد سفير كيان الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، بالعدوان على قطر قائلًا: "كان انفجار الدوحة ردًا حازمًا ودقيقًا على كبار مسؤولي حماس الذين خططوا لـ 7 أكتوبر واحتفلوا بها بينما كان مواطنونا يُختطفون، وأهنئ قوات الأمن على هذه الخطوة الدقيقة والشجاعة- لا مكان للمسلحين للاختباء، وسنواصل ملاحقتهم في كل مكان".
هل هناك أكثر من هذا عداء، والذي يعلن بصراحة، أن كل دولة أو عاصمة أو مدينة، هي هدف لقوات المحتل الصهيوني، طالما فيها أو يجتمع بها أشخاص، ينتسبون للمقاومة، بغض النظر عن انتماءاتهم، وفي أي مدينة عربية، أو غير عربية.
ما جرى جزء لا يتجزأ من هذا التصعيد والانتهاكات الإسرائيلية التي امتدت للعديد من الدول العربية، وسيتكرر طالما ظل موقفنا عند مجرد رد الفعل الضعيف والوقوف عند مرحلة الإدانة، بل هذا العدوان، وجه صارخ السواد لضرب كل القواعد والقوانين، والمواثيق الدولية، وكلمة جبان، كلمة بسيطة، بل يصل إلى الاستفزاز وارسال رسالة للجميع مفادها بالتعبير المصري الدراج "إن كنت شاطر اطلع لي".
حان الأوان أن تتخذ الدول العربية، ومعها الدول الإسلامية وكل دول المنطقة، موقفاً مختلفاً، وبشكل جماعي، فالمواقف الفردية لم يعد لها مكان، بل إن جريمة الكيان الصهيوني، قد تكون نهاية لكثير من مساعي ما يسمى بالسلام، فقد أعلنت إسرائيل وبوضوح أنها كيان لأطماع تفوق الواقع وأن غطرسته، لا حدود لها، وأن كل مدينة عربية هدف له.
الأمر الأكثر إلحاحاً هو وجود موقف ضد هذا التمادي مع الكيان المحتل، فكل تصريحات مسؤوليه تعبر عن أن العالم يتعامل مع عصابة إرهابية وكيان كل سماته تقوم على الاحتلال مع عقلية إجرامية تسيطر على كل مؤسساته،
صحيح أن ردود الفعل العربية جاءت واضحة ومؤيدة لقطر في حماية أراضيها، ومتضامنة مع الدوحة ضد هذا العدوان على سيادتها، والأهم أن يخرج الأمر إلى مرحلة أكثر تقدما، لأن العدوان ضخم في الإعداد له وشاركت فيه ما بين 10 إلى 15 طائرة مقاتلة – وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية - وأُطلقت أكثر من 10 قذائف جوية على هدف واحد وأصابته بفارق ثوانٍ قليلة، تحت حماية طائرات تجسس أمريكية وبريطانية... القادم أخطر.
----------------------------------
بقلم: محمود الحضري